النُقارة

26 فيفري
  • النُقْارة عندالمسيرية

ارتبط اسم النقارة بقبائل البقارة (كل من يرعى بالابقـار) عموما وقبائل المسيرية بصفة خاصة حيث نجدها من أهم الموروثات الشعبية لهذه القبيلة.
والنقارة عبارة عن آلات ايقاعية(طبول) يضرب عليها عند القيام بالاحتفالات ويبدو أن الاسم (النقارة) قد ارتبط بكلمة نقر وتعني قرع ومنها اشتق الاسم.

و تعتبر النقارة وسيلة هامة من وسائل الاتصال وكذلك وسيلة من وسائل التباهي والتفاخر حيث تعتبر ذات قيمة اقتصادية واجتماعية و فنية.

  • تصنيع النقارة

يصنع هيكل النقارة من شجر الزان والحُميِّض حيث يكون في شكل اسطواني مجوف وتستغرق عملية التصنيع فترة قد تصل إلى الأسبوع. فيتم تجويف الأشجار السميكة بحيث يكون القطر الأعلى هو الأكثر سمكا ويستخدم جلد البقر بعد نزع الصوف وشده على واجهتها قبل جفافه حيث يصبح بعد ذلك محكما عليها.

  • أجزاء النقارة:

تتكون النقارة من مجموعة من الطبول مختلفة الأحجام وهي عبارة عن خمسة أجزاء هي:

النقارة / ثم التمبل والذي يتكون من ثلاثة وحدات / ثم الحمار.

  • النقارة:

هو الطبل الكبير الذي يصنع من خشب الزان بعد تجويفه ثم يشد عليه الجلد وبعد جفافه تستخدم العصي في الضرب عليه حيث تسمى تلك العصي (عيدان النقارة) و (بأعواد الضرب) ولها حامل من العصي أيضا يسمى بـ (شعبة النقارة) حيث يساعد على جعل النقارة في مستوى عازفها والذي يكون واقفا.

  • التِمْبِل:

وهو عبارة عن ثلاثة طبول تكون أصغر في حجمها من النقارة. تستخدم العصي الرفيعة للعزف عليه وهي تزيد عن طول عصي النقارة بحوالي مرة ونصف. يتم تصنيعها من شجر (الهبيل) أو ( أمقاتو) والذي يتميز بالأغصان الخفيفة والمتينة الأمر الذي يساعد كثيرا في عدم إرهاق طارقها.كذلك تكون مدببة الأطراف حتى لا تؤثر على جلد الطبل المشدود عند الطرق بها.

  • الحُمار:

وهو أصغر حجما من التمبل ، مخروطي الشكل وتكون أصوات الحمار مختلفة عن صوت النقارة والتمبل ؛ وقد يستعاض عنه أحيانا بالجالون أو الصفيحة الفارغة وعند ضرب النقارة بمكوناتها نجد أن إيقاع الطبل الأول (النقارة) يكون متقطعا ؛ أما التمبل فيكون إيقاعه أكثر انتظاما وسرعة ، وإيقاع الحمار هو الأسرع لدرجة أن عازفه لا يستطيع العزف عليه مدة طويلة.

  • أسماء عازفي الطبل

لكل عازف طبل اسم خاص به، فعازف النقارة يطلق عليه (الضَرَّاب) لعزفه النقارة الأكبر حجما بينما يسمى عازف التمبل (بالقوّاد) أما عازف الحمار فيعرف (بالسوّاق) ويبدو أنه قد شبه بالسائق. نسبة لسرعة إيقاعه

  • استخدامات النقارة

ارتبطت النقارة بمناسبات عديدة عند المسيرية فبجانب استخدامها في المناسبات السعيدة كالزواج والختان والانتصار في حالة الحرب ، إلا أن المسيرية استخدموها كوسيلة اتصال في حالة الشدة والكرب . كذلك استخدمت أيضا كوسيلة للإعلان وذلك في حالة الإعلان عن الرحيل وفي حالة الوفاة.

في الأفراح ترتبط النقارة بالرقص حيث يطلق علي المناسبة كلمة نقارة.

  • وسيلة اتصال :

فنجد أن لها ضربات خاصة تسمى (خدِمْة النقارة) ولكل فريق ضربة خاصة به إذ أن المسيرية لهم ضربات متعارفة كالضربة التي تعرف بـي (سيمبو) و (عجوز قوم) و (جِدَّية كر) و (أم كَزَمْ). ويبدو أن هذه المسميات جاءت من الاصوات المنبعثة من الإيقاعات فعند سماع كل ضربة من تلك الضربات يعلم الجميع أن هنالك حدثا ما في الفريق صاحب الإشارة أو الضربة عندئذ يقومون بالتحرك نحو مكان الحدث حيث تكون الضربة بمثابة كلمة السر.

الإعلان عن بدء الرحيل فبعد تحديد المكان المتجهون نحوه يقوم اهل الفرق بضرب النقارة ضربات معينة يسمونها ضربة (المسار). اي أننا قررنا الرحيل وفي حالة تعثر الرحيل لسبب طاريء كولادة امرأة مثلا أو مرض شخص من الفريق قد يؤثر في عملية الرحيل ، يتم التشاور حول الأمر ثم بعد ذلك يقومون بضرب النقارة مرة أخرى ضربات مختلفة تعرف بـ (مَقَام) فيذهب بقية الفريق إلى مكان النقارة لمعرفة أسباب تأجيل الرحيل.

في حالة الشدة يقومون بضرب النقارة بضربات متباعدة وخاصة في حالة الحصار والفزع (النصره) ، فعند سماع الفريق الآخر للضربات يقوم الفريق بضرب النغمة نفسها حتى يتم سماعها عند الفريق اليذي يليه وهكذا حتى تصل الضربة إلى جميع الفرقان. فيهرعون إلى مكان ومصدر الضربة الأول ، أي قد يكون مصدر صوت الضربة الأولى يبعد اميالا او كيلو مترات عديده .

في حالة فقدان البهائم وذهابها إلى فريق آخر. عند معرفة الفريق صاحب البهيمة وذلك من خلال (الوسِم) الذي يكون فيها. يقومون بضرب النقارة بضرباتهم ثم ضربات الفريق الذي أتت منهم الماشية. وعند سماع تلك الضربات يقوم أهل البهائم الضائعة بالتحرك إلى الفريق الذي قام بضرب النقارة أي الفريق الذي (خَدَمْ النقارة) وذلك لاستلام بهائمهم.

لا تستخدم في حالات الحزن بل يقتصر استخدامها في حالة الوفاة كوسيلة للإعلان وذلك عن طريق الضربات المتعارف عليها والمستخدمة في مثل هذه الحالة فقط.

ظللنا كمسيرية محافظون على هذا الموروث برغم التغيير الاجتماعي الذي طرأ علينا نتيجة استقرار بعضنا في المدن ونزوح البعض الآخر إلى مناطق أخرى تختلف بيئيا واجتماعيا ؛ حيث لايزالون يمارسونها في المناسبات المختلفة بجانب المناسبات القومية كالأعياد الوطنية مثلا، وذلك على المستوى الجماعي والفردي فى المناسبات السعيدة.كذلك نجد أيضا أن الحكَّامات لا زلن يرددن الأشعار التي تصف النقارة.

ودمتم سالمين
د. احمد عطايا